نباتات تستخدم "انترنت فُطري" تحت أرضي للتواصل

{الـــتــعـقيد غــير قــابل للاخــتــزال}

فنحن اليوم سنتكلم عن طريقة تتواصل بها النباتات بين بعضها البعض ولكن ليس مباشرة بل عن طريق وسيط

الـفطريات

وأقرب مثال لهذا الأمر هو الانترنت حيث يتم ربط طرفين بواسطة شبكة تواصل لا تشبه طرفي التواصل

متابعة شيّقة

قام العلماء بتوثيق كيفية استخدام النباتات لشبكات الفطريات تحت الأرضية، في تحذير جيرانها من النباتات الأخرى من هجمات الحشرات القريبة، وهذا يبرز بشكل فريد تعقيد ورفعة تصميم التعاون والتواصل الموجودين في الطبيعة. الدراسة البحثية – المنشورة في عدد تموز\يوليو 2013 من Ecology letters – هي أول دراسة تثبت وتكشف كيف أن النباتات مصممة بشكل فريد فسيولوجياً حتى تتواصل مع النباتات الأخرى باستخدام فطريات تحت أرضية كأنبوب معلومات (1). هذا النظام العجيب والمعضلة يسمح للنباتات بالتواصل السريع والفعّال كالمجتمع، مثل انترنت بيولوجي طبيعي.

قبل هذه الدراسة، كان العلماء مدركين أن علاقات المنفعة المتبادلة موجودة بين النباتات ونوع معين من الفطريات الذي يستعم التربة المحيطة بنظام جذور النبات. هذه كائنات التربة النافعة الدقيقة تسمى "الفطر المتعايش الجذري mycorrhizal fungi "، هذه الفطريات معروفة بأنها تشجع نمو النباتات وتساعدها في التعامل مع هجمات الحشرات، الأمراض، و إجهادات الجفاف (1). في الحقيقة، كان العلماء مدركين لإمكانية أن هذه الفطريات قد تجعل النباتات تنمو معاً في مجموعات مغلقة حتى تعطي إشارة وتشغل النظام الدفاعي الكيميائي في باقي النباتات كاستجابة لهجوم الحشرات (2).

في ورقة بحث تم نشرها في العام الماضي، اقترح العلماء الفكرة القائلة بأن هذا الاتصال يحدث من خلال إطلاق والتقاط الكيميائيات الحاملة للمعلومات والتي تجتاز التربة من خلال شبكة الفطريات الجذرية التي تعمل كطرق سريعة للمعلومات تربط النباتات مباشرة تحت الأرض (3). وهذا يتم بسبب نمو الفطر على شكل خيط تحت الأرض، حيث يمد الفطر جدائل (جمع جديلة) تدعى "غصينات فطرية" التي تربط مجموعة واحدة من الجذور مع مجموعة أخرى. والآن تم اثبات هذه الفرضية في البحث بشكل مذهل.

في هذه الدراسة الجديدة، قام العلماء بتنمية عدة مجموعات من نباتات الفاصوليا في خمس مجموعات اشتراكية تتكون من خمسة أفراد. قام العلماء بالسماح لثلاثة من النباتات في كل مجموعة للوصول إلى التربة الحاوية على الشبكة تحت الأرضية التي تربط الغصينات الفطرية. وكتدبير تحكم، قام العلماء بإبقاء اثنين من النباتات في كل مجموعة مفصولة عن الوصلة الفطرية في التربة. ثم قام العلماء بغزو نبتة واحدة من كل مجموعة بحشرة المن (وهي حشرة تثقب النبتة وتقوم بامتصاصها)، وقد أدى هذا إلى إطلاق الكيميائيات النباتية التي تطرد حشرة المن وتقوم بجذب الدبابير، أحد الحشرات التي تفترس المن.

المذهل في الأمر، أن النباتات التي لم تتعرض للهجوم، ولكنا مربوطة مع النباتات التي تعرضت للهجوم بواسطة الشبكة الفطرية تحت الأرضية، بدأت بإنتاج الكيميائيات الدفاعية في خلاياها. بينما النباتات التي لم تكن مربوطة بالشبكة الفطرية، لم يتم تفعيل نظام الدفاع الكيميائي لديهن. ولمزيد من التحكم في التجربة، قام العلماء بتغطية النباتات بأكياس لاقصاء دور الإشارات الكيميائية المحمولة جواً وبالتالي تم اقصاء أي إشارة تأتي فوق سطح الأرض ثم يتم استشعارها بواسطة الأوراق. وبسبب الإجراءات الحاكمة الدقيقة، وُجِد أن الإشارات التي سببت الاستجابة الدفاعية لمجتمع النباتات، وجد أنها تنتقل عبر الشبكة الفطرية.

الباحث القائد في هذه الدراسة، د. ديفيد جونسون، صرّح قائلاً: "نحن نعلم بأن النباتات تنتج كيميائيات طيّارة عندما تتعرض للهجوم، ونعلم أيضاً بأنها تتواصل بشأن الخطر بين بعضها البعض فوق سطح الأرض. الآن نحن نعلم بأن النباتات تتواصل بشأن الخطر عبر تلك الشبكة الفطرية تحت الأرضية أيضاً (4)."

إن نظام الجذور لأنواع عديد من النباتات الزراعية والتي تمت دراستها حتى الوقت الحالي – والتي لا تشمل فقط الفاصوليا، ولكنها تشمل أيضاً القمح، الرز، الذرة، والشعير – لديها هذه الأنواع من تفاعلات الفطريات التي تحيا في الجذور. وبشكل غير قابل للشك فإن هذه العلاقة الترابطية المذهلة موجودة أصلاً في الطبيعة مع العلم بأن النباتات المستخدمة في الزراعة تم تدجينها من أنواع برية.

على التطوريين أن يبذلوا جهوداً مضنية لشرح كيفية أتت تلك الشبكات المعقدة المتعاونة بين الأنواع المختلفة كليّاً من الكائنات عن طريق التطوّر الدارويني – وبالأخص عندما تتضمن شبكة بيوكيميائية ديناميكية لتفاعل نوعين منفصلين من الكائنات. بدلاً من ذلك، فأن هذا دليل صارخ للتصميم الذكي بواسطة خالق عليم وحكيم.